أبحث في المدونة

الطالب الذي أبكى المعلم (قصة حقيقية)


رواها احد مدراء المدارس لمدرسيه اثناء اجتماعه بمدرسيه في احد الايام في مكتبه وهو يناقش معهم اوضاع الطلاب 
وانهم اي المدرسين يجب ان يقتربوا اكثر من تلاميذهم ويشعروا بهمومهم ويناقشوهم بمشاكلهم قبل ان يعاقبوهم اذا بدر منهم اي تهاون او تقصير في التزاماتهم المدرسية 
فيقول والحديث بلسانه :-
كنت دائما ما اراقب الطلاب في الفترة المسائية اثناء انصرافهم من الطابور  باتجاه فصولهم حتى يتم اخلاء الساحة المدرسية من كافة الطلاب 
ثم انتظر قليلا لاتفاجئ يوميا بطالبين او ثلاثة متأخرين عن موعد الحضور فاضطر الى معاقبتهم واسمح لهم بالالتحاق ببقية الطلاب في فصولهم 
ولفت انتباهي
ان طالب محدد بعينه يكون احد هؤلاء الطلاب المتاخرين بشكل دائم يوميا خلاف بقية الطلاب اللذين لايتاخر احدهم بالعادة الا لظرف طارئ في احد الايام فقط , وكنت حين اعاقبه بالعصى التى احملها ارى على وجهه علامات الأسى والحزن لكنه يتقبل العقوبة بمنتهى البساطة وينصرف الى فصله واستمرت القصة على هذا النهج يوميا وانا اقلب الامر في راسي أي طالب عنيد هذا واي عقلية يحملها كيف يكون حزينا وهو يتلقي العقوبة ومع هذا لايسعى ليغير من حاله ويحضر الى المدرسة في الموعد المحدد 
ومع هذا قررت ان استمر في منهجي نحوه (تاخير=عقوبة) حتى يعدل من سلوكه 
واستمرت الايام على هذا الحال دون اي تغيير الى ان قررت ان اخذ زمام المبادرة لحل المشكلة فاستوقفته ذات يوم قبل ان اعاقبه وسحبته من يده الى مكتبي وسالته :
يا ابني لماذا تتاخر كل يوم ؟ لماذا لاتحضر مثل بقية الطلاب قبل الطابور المدرسي ؟ اذا كانت العقوبة تأثر في نفسك هكذا لماذا لا تغير من سلوكك ؟
سكت الطالب برهة من الزمن وهو يطرق بنظراته الى الارض ثم اجاب على استحياء
يا استاذ انا لا اتأخر عن المدرسة بأرادتي 
يا استاذ ظروفنا المالية في المنزل سيئة ووالدي عاطل عن العمل 
انا واخي لا نملك الا قميص مدرسي واحد هو يرتديه اثناء ذهابه الى المدرسة في الفترة الصباحية وانا انتظر عودته على باب المنزل بفارغ الصبر لاخذه منه وارتديه واحضر الى المدرسة وهذا سبب تاخري كل يوم ومع هذا فانك تعاقبني وانا لا استطيع الاعتراض واتقبل الامرلاني لا ارغب في ترك المدرسة بسبب ضيق حالنا 
يقول الاستاذ والحديث على لسانه :
والله ان الدنيا أظلمت امامي لم اعد أرى او اسمع شيئاً احسست ان الزمن توقف عند هذه اللحظة فقدت القدر على الكلام والتفكير الا من شريط الذكريات وانا اعاقبه بالعصى على يديه على مدى تلك الايام وهو يتألم من الضرب ومع هذا لايتحدث ولا يعترض , نزلت كلمات الطالب على مسامعي كانها ضرب بسياط القهر والأسى و لم استطع ان اتمالك نفسي واندفعت الدموع من عيني بصمت 
سالته وصوتي يتحشرج في حنجرتي وكلماتي ترفض ان تطاوعني للخروج من فمي :
طيب لماذا لم تخبرني بذلك يا أبني 
اجاب وهو يطرق بناظريه الى الارض امامه :
انك لم تسالني ماالسبب كنت تعاقبني فقط      
عندئذ فقط ادركت فداحت ما اقترفته 
اخذت الطالب من يده الى فصله في تلك اليوم فقط دون ان اعاقبه وطلبت منه عند انتهاء الحصص المدرسية ان يحضر الى مكتبي وانصرفت 
في نهاية اليوم الدراسي حضر الطالب الي كما وعدني واخذته معي في جولة الى  السوق واشتريت له قميص مدرسي جديد على حسابي الخاص وكم كانت فرحته بهذا القميص وكأنه قد نجح في امتحان اخر العام الدراسي واتجه الى منزله مسرورا ومن تلك اليوم الحاسمة لم اشاهده الا في مقدمة الطابور المدرسي منتشيا بهذا الانجاز 
يواصل الاستاذ حديثه :
كانت هذه الحادثة مفصلا هاماً في مسار نهجي التعليمي والتربوي
ادركت معها ان المعلم والمربي المثالي عليه ان يكون اولا أباً لطلابه قبل ان يكون مدرساً ومعلماً 
عليه ان يشعر بهم ويناقشهم آلامهم واوجاعهم قبل ان يصدر عليهم احاكمه التى قد تكون جائرة وهو لايعلم خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التى تعيشها مجتمعاتنا في هذا العصرالقاسي والصعب 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق